رغم ما مر بي .. لم أحترق
في طريقٍ يعمه الهدوء
كان هناك حين اقترب المساء
اعتاد يأتي ليملأ الوقود
ويحرق به بيوت البسطاء
وكنت هناك أنا وقتها
أشاهده وأجلس جانبًا باسترخاء
نظرت إليه حتى رأني
وضحكت عاليًا ضحكة استهزاء
قلت له ليس هذا بوقود
بل ملأت إناءك هذا بالماء
لم أكن لأقول لولا شئت أن
أرحم من ناره بعض الضعفاء
فألقى الإناء عاليًا فهوى
وتناثرت القطرات فوقه وملأت الأجواء
لكن عود الثقابِ كان بيده مشتعلاً
فألتقى بما على جسده وكان في الإناء
اشتعلت النيران فيه فورًا
وصراخه المكتوم بلغ عنان السماء
ثم بدأ خلفي بكل قوته يركض
فأركض أمامه خوفًا يأبى البكاء
يريد أن يحرقني انتقامًا
وأنا ندمًا أدعو أن أجد لحريقه إطفاء
أركض وأنظر بكل اتجاه
أبحث عن بشرٍ يسير في الأنحاء
فوجدتني فجأة أمام شاطيءٍ
وها هو أخيرًا قد ظهر الماء
لكن أين أختفى هو ؟!!
لو كنت مكانه لأسرعت بنفسي فيه بالإلقاء
يبدو أنه فعل ولم أراه حتمًا
وها هو يخرج من الماء بعد طول اختفاء
لم يمت ولم تحرقه النيران
بل مازال يتنفس وبقوة بين الأحياء
وهناك جَمْعٌ من البشر
لا أدري من أين أتى أو جاء
كلهم ينظر إليه عجبًا
لم يحترق وبين يديه يحمل جمراتٍ حمراء
عجزت عن الكلام متعجبة
أبشرٌ هو أو كائن من الفضاء !!
يعشق النيران والجمراتٍ والأذى
ولا يهمه إن إلتقى بالنار أبشع لقاء
تداركت ما حولي قليلاً
فصرت أبكي وأرفع يداي عاليًا بالدعاء
رغم ما مر بي .. لم أحترق
ومرّت الليلة ولم يحترق فيها أبرياء
رحماك يا ربي يا أرحم الراحمين
أحمينا دومًا .. وأكفينا شر هؤلاء
***
أَتَمَنَّىْ أَنْ تُعْجِبَكُمْ كَلِمَاتِيْ
وَلَكُمُ دَوْما خَالِصٍ تَحِيَّاتِيْ
الْقِيْثَارَةْ
سُهَى يَحْيَىَ