أعطيته حبًا .. فماذا أعطاني ؟!
أعطيتك حبًا
أعطيتني المًا
أعطيتك عشقًا
أعطيتني جرحًا
أعطيتك قلبًا
أعطيتني حجرًا
أعطيتك حياةً
أعطيتني موتًا
أي البشر هو أنت ؟!
أي القلوب تمتلك ؟!
كيف تقوى على جرح قلبًا أحبك ؟!
هل من المعقول أن تقابل الحب بالكره .. العطف بالقسوة .. الحياة بالموت ؟!
هل أنت بشر كسائر البشر ؟! أم أنها طباع البشر كلهم .. وأنا لا أدري ؟!
أنتِ مَنْ خدعتني .. ظننتك كسائر النساء .. تعطي ولا تسأل ..
لا .. ليس هذا من الحب ..
أعطي وآخذ .. أحبك وتحبني ..
كيف أعطي ولا تعطي .. كيف أحبك ولا تحبني ؟!
مللتُ أسئلتك وكلماتك ..
ولماذا لم أملُّ أنا ؟!
لماذا أعشق أسئلتك ؟! أذوب عشقًا في غيرتك .. بل أتمناها ..
لماذا لم أتغير أنا ؟!
هكذا أنتم النساء .. تعشقون الملل ..
لا .. بل هكذا أنتم الرجال ..
دومًا تركضون وراء الصعب والمستحيل .. لكن عندما تملكونه تملون ..
هكذا أنت ..
كم ركضت وراء قلبي ..
وها هو ملكك ..
وها أنت قد مللت ..
يا فارس من بني البشر ..
اسمعني وافهم ..
قد تكون آخر مرة اتكلم ..
أنا هي أنا ولم اتغير .. وحبي لك هو أفضل ما حدث أو سيحدث لك ..
وإن خسرتني .. فلا عودة ..
وستندم ..
مغرورة أنتِ ..
بل صادقةُ أنا ..
هكذا تظنين ..
بل هكذا تظن أنت .. تذكر أنني أخبرتك .. أنني حذرتك .. فلن يكون هناك فرصة أخرى ..
لأن الندم قد يأتي وقت لا يفيد الندم ..
وإن رحلت أنا لن اعود ..
قد أصبح كما تريد .. صامتة .. لا أسال ..
ولكن ..
إن مللت أنت .. فلن يفيدك الندم ..
لن أعود هكذا أبدًا ..
سأكون غيري ..
سأكون كما تريد ..
لكن تذكر ..
أحببتني أنا ..
لكني سأكون غيري ..
سأكون كما تريد ..
سأموت من أجلك ..
لكنك لن تعيش ..
***
جرحني .. وقرر أسري .. فماذا أفعل ؟؟
جلست وحدي ..
أفكر ..
ما الذي غيّره ؟!
ماذا جنيت أنا ؟!
هل جنيت عندما أحببته كل هذا الحب ؟!
إنه كل حياتي ..
إنه أنا ..
بدونه أموت ..
كيف استطاع أن يجرحني هكذا ؟!
كيف ملّ مني ؟!
إنها أنا .. حبيبته .. طالما ركض وراء قلبي .. طالما أحبني ..
إنه عشقي الوحيد .. حب حياتي ..
إنه أنا ..
ومن أجله قررت ألا أتركه ..
سأصمت .. سأكون مثلما يريد ..
فقط لأنني أحبه ..
لكنني سأموت حية ..
كيف يمكن أن يتقبل ذلك ؟!
لقد عشق جنوني .. حبي .. عشقي له ..
كيف ملّ كل ذلك ؟!
عقلي لا يستوعب ..
وقلبي يكاد يموت من الحزن ..
حب عمري .. حب حياتي .. قرر أن أموت ..
وأنا ..
قررت أن أموت من أجله ..
سأصمت ..
سأتوقف عن الأسئلة .. عن اللحاق به .. سأتوقف عن الغيرة ..
سأفعل كل ما يريد ..
لكني سأعتصر ألمًا ..
لكن آلام الدنيا تهون حتى يرضى حبيبي ..
أتمنى أن يفهم كم سيعذبني ..
سأتغير من أجله ..
سأكون كالدمية .. تبتسم وقتما يشاء .. وتتكلم وقتما يشاء ..
سأكون أسيرة بداخلي ..
حتى يقرر هو فك أسري ..
وسانتظر ..
إن اشتاق إليّ ..
إن حنّّ لحبيبته الحقيقية ..
فسأعود ..
يا الله ..
كم أتمنى أن أعود ..
***
هكذا فعلت زوجتي
كان يومًا طويلاً ..
وتأخر كثيرًا في العمل ..
وهي ..
وحدها في المنزل ..
تنتظر ..
تستجمع قواها حتى تنفذ ما قررت ..
حتى لا تتصل به لتعرف ماذا أخره ..
يكاد يقتلها القلق .. فهي تعشقه بجنون .. وتخاف عليه من نسمة الهواء ..
لكنه ملّ ذلك ..
وهي .. ستخلصه من الملل ..
عاد للمنزل ..
هاتفه بيده ويكلم زميلته في العمل ..
وهي ..
زوجته ..
تجلس أما التلفاز .. لم تتحرك لاستقباله .. لم تسأله أين كان ..
نظر فرأى العشاء جاهز .. والجو هادئ ..
وهي ..
صامتة ..
مبتسمة .. لكنها عيناها يخنقها الحزن ..
جلسا لتناول العشاء .. ولم ينطق كلاهما بكلمة ..
وهو في شدة الحيرة من حالها ..
فقرر أن يتكلم ..
- كيف حالكِ ؟
* بخير ..
- كيف كان يومكِ ؟
* لا جديد ..
ها هو يسأل وهي مَنْ يختصر الكلام ..
ها هو قد حقق ما طلب ..
سكتت زوجته عن كل شيء ..
وهو الآن راضٍ ..
لكنه يشعر بالقلق من صمتها ..
من حزن عيونها ..
لكنه لم يشغل باله كثيرًا ..
فهو كان يتمنى ذلك من الأساس ..
انتهى العشاء .. وقامت هي لجمع المائدة ..
وهو ..
جلس ليشاهد التلفاز ..
وهي ترقبه من بعيد ..
اقتربت ..
لكنه لم يشعر بها ..
تألم قلبها الأسير أكثر ..
وقالت له:
* تصبح على خير ..
ودون أن يلفت لها قال:
- وأنتِ بخير ..
أسرعت إلى غرفتها حزينة ..
وانفجرت في البكاء ..
أما هو ..
أطفأ التلفاز ..
وأعاد رأسه للوراء ..
وأغمض عينيه ..
وظل يفكر ..
أتعلمون فيما كان يفكر ؟!
***
هكذا فكر زوجي
شرد بخياله إلى الوراء ..
قبل سنوات قليلة من الآن ..
بعد الزفاف ..
كم كانت الحياة بينهما جميلة .. هادئة .. رقيقة ..
ماذا تغير ؟!
لا يدري ..
إنها كما هي ..
جميلة ..
رقيقة ..
حالمة ..
تهتم به أكثر مما يتمنى ..
تعشقه بجنون ..
وهو ..
مازال يحبها ..
يعشقها ..
لا يقبل الحياة بدونها ..
لكن لماذا ملّ !!
ظل يتساءل .. كيف ملّ ..
لم تتغير حبيبته ..
هي كسابق عهده بها منذ أحبها وتزوجها ..
بل أصبحت أجمل وأحن بكثير ..
جلس يفكر ويتساءل ..
لماذا مللت ؟!
كنت دومًا أعشق غيرتها واهتمامها .. بل يجن جنوني إن لم تغار عليّ ..
ماذا دهاني ؟!
كنت دومًا أحب سماعها .. أحب آراءها .. أعشق أسئلتها ..
لماذا الآن أعترض ؟!
هي كما هي ؟!
لم تتغير ..
أنا مَنْ تغير ..
لكن لماذا ؟!
كيف أضيع حبًا كهذا ؟!
كيف أملّ من أجمل ما حدث لي بحياتي ؟!
كيف هان عليّ أن أسبب لها كل هذا الألم ؟! وأرى الحزن يملأ عيونها وأسكت ؟!
أي البشر أنا !!
لم تكن مغرورة حين قالت لي سأندم ..
كانت بالفعل صادقة ..
كيف أحبها كل هذا الحب ولا أعبر لها عنه !!
كيف أملّ من حبيبة عمري ..
يا الله .. ساعدني ..
تعذبت كثيرًا حتى ظفرت بقلبها الرائع ..
وكنت أسعد البشر كونها زوجتي ..
كدت أطير فرحًا بها وهي بثوبها الأبيض ..
أميرة أحلامي ..
زوجتي ..
يحسدني الجميع عليها ..
وها هي ملكي ..
وحدي ..
كيف أضيعها !!
لم يحبني أحد أكثر منها ..
لم يقف بجواري في الأزمات غيرها ..
دومًا معي ..
دومًا بجانبي ..
كم كنا سعداء ..
ماذا دهاني ؟!
تُرى بعد كل هذا التفكير ..
ماذا سيفعل ؟!
هل سيذهب إليها ؟؟ أم سينام مكانه ؟!
***
أنا .. وزوجتي .. في سكون الليل
ظل مغمضًا عينيه ..
وسكون الليل يحيط به من كل اتجاه ..
ظل يفكر ..
بحبيبة عمره ..
وفجأة ..
إذا بيدٍ رقيقة تمسك بيده ..
وصوتٍ أرق من أن يوصف يناديه حبيبي ..
بنظرة كلها حب .. رقة .. عذوبة ..
وابتسامة زهرة رقيقة تداعبها قطرات الندى ..
إنها هي ..
حبيبته ..
زوجته ..
جاءت إليه ..
في أبهى صورة .. تُمسك بيده ..
- حبيبتي .. أجيئتني ؟!
* أجل ..
- ولكن كان يجب أن آتي أنا ..
* اشتقت إليك يا حبيبي .. ولم استطع الانتظار ..
- ولكني أنا مَنْ جرحكِ وأبكاكِ ..
* حبيبي لا فرق بيننا .. المهم أن نكون معًا ..
- سامحيني حبيبتي ..
* حبيبي ليس بيننا خصام ولا سماح .. بيننا فقط حب وحياة ..
- أنتِ لا مثيل لكِ ..
* لأنني أحبك ..
- آآآه يا حبيبتي !! كم اشتقت إليكِ !! كم آلمتني نظرتكِ الحزينة !!
* حبيبي .. لا داعي للعتاب ..
- حبيبتي ..
وضمها بين ذراعيه ..
وكأن الحبيبان العاشقان عادا للحياة من جديد ..
كلاهما عاد يتنفس ..
عاد قلبه يدق ..
أغمضا عيونهما وكأنهما في عالم أخر ..
مر الوقت ..
والشعور ما أجمله ..
ولكن ..
فجأة ..
دق جرس الهاتف ..
فتح عينيه ..
أين هي ؟!!!
اختفت ..
لا ..
بل كان يحلم ..
- كان حلمًا جميلاً ليته لو كان واقعًا ..
- ولِمَ التمني ؟!
- لِمَ لا أذهب إليها ؟!
- أليست حبيبتي ؟!
- اشتقت إليها ..
- وهي الآن تتألم وحدها .. تنتظرني .. كلانا يتعذب .. والحل بيدي ..
- هيا ..
- ماذا انتظر ؟!
وذهب الحبيب .. الزوج العاشق ..
مسرعًا نحو غرفة حبيبته ..
ترك الهاتف يدق ..
لم يبالِ بمَنْ يتصل في هذا الوقت المتأخر ..
وجرى نحو غرفتها ..
تُرى .. هل سيكون رد فعلها مشابهًا للحلم ؟!
أم ستظل على ما طلبه هو منها ؟!
تُرى .. ماذا ستفعل الحبيبة المجروحة ؟!
***
وأخيرًا .. ذهب الزوج لغرفة زوجته .. فماذا حدث ؟؟
ذهب إليها ..
ليفتح باب غرفتها ..
وقلبه ينتفض في صدره ..
وعند دخوله ..
نظر في أرجاء الغرفة ..
أين هي !!
إنها هناك ..
في الركن البعيد من الغرفة ..
تجلس وحيدة ..
تخفي وجهها ..
لا تشعر بوجوده من شدة بكائها ..
اقترب منها ..
نزل على ركبتيه أمامها ..
أمسك يديها بقوة ..
قوة حب لا قوة قسوة ..
قوة شوق ولهفة ..
انتفضت مكانها ..
نظرت إليه وكأنها تحاول أن تجد مبرر لدموعها غير قسوته ..
كبريائها يمنعها ..
لكنه لم يتركها تبحث طويلاً ..
أخذ يداها الناعميتن بين يده ..
قبلهما .. وذاب فيهما حبًا ..
اعترف بكل ذرة في كيانه أنه نادم ..
رغم أنه لم ينطق ..
لكن عيناه قالت كل شيء ..
وبرقة حنونة .. مسحت يداه دموعها المنهمرة بقوة على خديها الرقيقين .. واحتضنتهما برقة ..
كانت العيون تتكلم ..
كانت تعاتب .. تعتذر .. تسامح .. تعد ..
كل شيء في لغة العيون مباح ..
وفجأة ..
أخذها بين أحضانه ..
غمرها بحبه ..
وذاب العاشقان ..
وكأن كلاهما كان كالنبتة العطشى لماءٍ يرويها ..
عادت لهما الروح من جديد ..
وفي لحظة نسيا كل آلام الماضي ..
وهي ..
قلبها الصغير يكاد يتوقف من كثرة الدقات ..
لا تصدق أن حبيبها قد عاد ..
لم يتحمل بعادها كثيرًا ..
تكاد تطير فرحًا ..
باتت ليلتها في أحضان حبيبها .. وتشعر بأمان العالم كله ..
وفي الصباح ..
استيقظ الزوج العاشق من نومه .. سعيدًا مبتسمًا ..
نظر إليها ..
كالملاك نائمةً بجواره ..
أيقظها بقبلة رقيقة على جبينها الرقيق ..
وألقت عليه الصباح بابتسامة رائعة لا توصف ..
وهمّت لتحضر له طعام الإفطار قبل أن يذهب لعمله ..
وهمّ هو الأخر يستعد ..
وعندما جلسا ليتناولا طعامهما .. تذكر هاتفه الذي رن بالأمس ..
وقبل أن يمسك به ليعرف مَنْ كان المتصل ..
بادرته هي قائلة :
* حبيبي .. عندي لك مفاجأة ..
تُرى .. ما المفاجأة ؟!
وهل سيعكر الهاتف صفو هذه المفاجأة .. ويُعيد للحياة قسوتها ؟!
أم أن الزوج العاشق قد تعلم الدرس جيدًا ؟!
***
مكالمة منتصف الليل .. ومفاجأة زوجتي ..
التفت الزوج نحو حبيبته ..
يتساءل عن المفاجأة ..
لكنها لم تجيبه ..
رن الهاتف من جديد ..
تركته ليرد وذهبت لغرفتها ..
نظر الزوج لهاتفه .. ووجد رقمًا غريبًا لا يعرفه ..
لكنه نفس الرقم الذي اتصل مساءً ..
أجاب في حيرة ..
ثم ظهرت معالم الدهشة على وجهه ..
المتصل قال كلمتين فقط : "حبيبتي .. سامحيني"
ثم أغلق الخط ..
كان المتصل مخطئ في الرقم ..
لكنه حمل رسالة للزوج الذي ظل صامتًا للحظات يتذكر ما حدث ..
كانت هذه المكالمة هي السبب في استيقاظه من حلمه بالأمس .. ثم نهض ليصالح زوجته .. كانت وكأنها رسالة له ليفهم أنه يجب عليه الا يتركها حزينة .. وألا يتركها تنتظر كثيرًا ..
فهو يعلم كم تحبه وكم تعشقه بجنون ..
ابتسم الزوج ابتسامة سعادة ورضا ..
وشعر أنه قد مر باختبار .. لكنه قوي .. عرف فيه الكثير وفهم قيمة زوجته وحبيبته ..
عرف كم يحبها ..
وها هو أخر يسعى طوال الليل ليكلم حبيبته كي يعتذر لها ..
فالاعتذار لا يقلل من قيمة الرجل .. بل يزيده سعادة مع حبيبته ..
ها هي سعيدة ورقيقة .. وها هو معها يطير في سماء الحب حرًا ..
وفجأة ..
تذكر ما قالته هي ..
قالت أن عندها مفاجأة ..
تُرى ما هي ؟!
أسرع الزوج العاشق يبحث عن محبوبته ..
أين هي ؟؟
كانت هناك .. في غرفتها .. تجهز له ملابسه حتى يذهب لعمله ..
اقترب منها .. وضمها إليه ..
ونظر في عينيها بكل حب ..
- حبيبتي ..
* حبيبي ..
- ما مفاجأتك ؟؟
* أتريد أن تعرف ؟؟
- أجل ..
* إذًا .. انظر إلىَّ جيدًا ..
- ماذا تقصدين ؟؟!!
* حبيبي .. وصلتنا هدية ..
- أي هدية ؟!
* أغلى هدية ..
- حبيبتي .. لا تحيريني ..
* ليست حيرة .. بل شوق .. فهي غالية وتستحق ..
- لم أفهم ..
* حبيبي .. ستكون أبًا قريبًا ..
توقف الكلام .. لكن دهشة الفرح ملأت وجهه .. لم يستطع الكلام ..
أخذها بين أحضانه ودار بها في المكان ..
وابتسامته لا تتوقف ..
وهي أيضًا ..
كانت لحظة لا توصف ..
ولن تُنسى أبدًا ..
ثم أعلن الزوج تمرده على الذهاب لعمله هذا اليوم ..
وقرر رد المفاجأة لها ..
ليحتفل معها .. وبها ..
وغمر الزوجين شعور رائع بالسعادة .. وتعاهدا على الحب والسعادة ماداما على قيد الحياة ..
هنا انتهت سطور قصتنا ..
لكن لم تنتهي الكلمات ..
مازالت أحلام الحبيبين تنمو معهما ...
ومازلنا لا نعرف كيف احتفل بها وبماذا فاجأها ..
وهنا المساحة متاحة لكل المتابعين ..
انتظر آراءكم .. وما كنتم قد تفعلونه لو كنتم مكانه ..
وبصدق أرجوكم ..
إنها دعوة عامة للرومانسية ..
***
أتمنى أن تكون القصة قد أعجبتكم
ولكم دومًا خالص تحياتي
القيثارة
سهى يحيى